حكم سب الصحابة -رضي الله
الاجابه
الشيخ:
الواجب علينا محبتهم واحترامهم والذود عن أعراضهم والسكوت عن ما جرى بينهم
من القتال واتهام من سبهم بالنفاق وذلك بأنه لا أحد يجرؤ على سب الصحابة
رضي الله عنهم إلا من غمسه النفاق والعياذ بالله وإلا فكيف يسب الصحابة وقد
قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم
ثم الذين يلونهم) وقال (لا تسبوا أصحابي) ثم إن سب الصحابة قدح في الصحابة
وقدح في الشريعة وقدح في الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقدح في حكمة
الله عز وجل
أما كونه قدح للصحابة فواضح
وأما كونه قدح في
الشريعة فلأن الذين نقلوا إلينا الشريعة هم الصحابة وإذا كان ناقل الشريعة
على الوصف الذي يسبهم به من سبهم لم يبق للناس ثقة بشريعة الله لأن بعضهم
والعياذ بالله يصفهم بالفجور والكفر والفسوق ولا يبالي أن يسب هذا السب على
أشرف الصحابة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
وأما كونه قدح برسول
الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلأن الصاحب على حسب حال صاحبه بالنسبة
لاعتبارهم ومعرفة قدره ولذلك تجد الناس إذا رأوا هذا الشخص صاحبا لفاسق نقص
اعتباره عندهم وفي الحكمة المشهورة بل وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه
وعلى آله وسلم أنه قال (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)
وفي الحكمة المشهورة المنظومة:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
وأما
كونه طعن في حكمة الله فهل من الحكمة أن يختار الله لأشرف خلقه محمد صلى
الله عليه وسلم هؤلاء الأصحاب الفجرة الكفرة الفسقة والله ليس من الحكمة.
فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-
الجواب :
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه ، أما بعد .
سب
الصحابة من المنكرات العظيمة ؛ بل ردة عن الإسلام ، من سبهم وأبغضهم فهو
مرتد عن الإسلام ، لأنهم هم نقلة الشريعة ، هم نقلوا لنا حديث رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- وسنته ، وهم نقلة الوحي ، نقلوا القرآن، فمن سبهم
وأبغضهم أو اعتقد فسقهم فهو كافر نسأل الله العافية ، نسأل الله العافية
والسلامة .
كتاب (الأسئلة اليامية) السؤال السادس
سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله -
جاء في كتاب الكبائر للإمام الحافظ شمس الدين الذهبي -رحمه الله- :
سب أحد من الصحابة -رضوان الله عليهم-
ثبت
في الصحيحين أن رسول الله -صلى الله عليه و سلم- قال : يقول الله تعالى :"
من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب " ، و قال -صلى الله عليه و سلم- :" لا
تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد
أحدهم و لا نصفيه " (مخرج في الصحيحين) .
و قال -صلى الله عليه و
سلم- :" الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضًا بعدي ، فمن أحبهم فبحبي
أحبهم و من أبغضهم فببغضي أبغضهم ، و من آذاهم فقد آذاني و من آذاني فقد
آذى الله ، و من آذى الله فقد أوشك أن يأخذه " أخرجه الترمذي .
ففي الحديث و أمثاله بيان حالة من جعلهم غرضًا بعد رسول الله -صلى الله عليه و سلم- و سبهم و افترى عليهم و كفرهم و اجترأ عليهم .
و
قوله -صلى الله عليه و سلم- : " الله الله" كلمة تحذير و إنذار كما يقول
المحذر النار النار أي : احذروا النار ، و قوله : " لا تتخذوهم غرضًا بعدي"
أي لا تتخذوهم غرضًا للسب و الطعن ، كما يقال : اتخذ فلانًا غرضًا لسبه أي
هدفًا للسب ، و قوله : " فمن أحبهم فبحبي أحبهم و من أبغضهم فببضغي أبغضهم
" ، فهذا من أجل الفضائل و المناقب لأن محبة الصحابة لكونهم صحبوا رسول
الله -صلى الله عليه و سلم- و نصروه و آمنوا به و عزروه و واسوه بالأنفس و
الأموال ، فمن أحبهم فإنما أحب النبي -صلى الله عليه و سلم- .
فحب
أصحاب النبي -صلى الله عليه و سلم- عنوان محبته و بغضهم عنوان بغضه ، كما
جاء في الحديث الصحيح :" حب الأنصار من الإيمان و بغضهم من النفاق" ، و ما
ذاك إلا لسابقتهم و مجاهدتهم أعداء الله بين يدي رسول الله -صلى الله عليه و
سلم- و كذلك حب علي -رضي الله عنه- من الإيمان و بغضه من النفاق ، و إنما
يعرف فضائل الصحابة -رضي الله عنهم- من تدبر أحوالهم و سيرهم و آثارهم في
حياة رسول الله -صلى الله عليه و سلم- و بعد موته من المسابقة إلى الإيمان و
المجاهدة للكفار و نشر الدين و إظهار شعائر الإسلام ، و إعلاء كلمة الله و
رسوله و تعليم فرائضه و سننه ، و لولاهم ما وصل إلينا من الدين أصل و لا
فرع ، و لا علمنا من الفرائض و السنن سنة و لا فرضًا و لا علمنا من
الأحاديث و الأخبار شيئًا .
فمن طعن فيهم أو سبهم فقد خرج من الدين و
مرق من ملة المسلمين ، لأن الطعن لا يكون إلا عن اعتقاد مساويهم و إضمار
الحقد فيهم و إنكار ما ذكره الله تعالى في كتابه من ثنائه عليهم ، و ما
لرسول الله -صلى الله عليه و سلم- من ثنائه عليهم و فضائلهم و مناقبهم و
حبهم ، و لأنهم أرضى الوسائل من المأثور و الوسائط من المنقول ، و الطعن في
الوسائط طعن في الأصل ، و الازدراء بالناقل ازدراء بالمنقول ، هذا ظاهر
لمن تدبره و سلم من النفاق و من الزندقة و الإلحاد في عقيدته ، و حسبك ما
جاء في الأخبار و الآثار من ذلك كقول النبي -صلى الله عليه و سلم- :" إن
الله اختارني و اختار لي أصحابًا ، فجعل لي منهم وزراء و أنصارًا و أصهارًا
فمن سبهم فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين ، لا يقبل الله منه
يوم القيامة صرفًا و لا عدلاً ".
و عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-
قال : قال أناس من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه و سلم- :" إنا نُسَبْ ،
فقال رسول الله -صلى الله عليه و سلم- :" من سب أصحابي فعليه لعنة الله و
الملائكة و الناس أجمعين ".
و عنه قال : قال رسول الله -صلى الله
عليه و سلم- :" إن الله اختارني و اختار لي أصحابي و جعل لي أصحابًا و
إخوانًا و أصهارًا ، و سيجيء قوم بعدهم يعيبونهم و ينقصونهم فلا تواكلوهم و
لا تشاربوهم و لا تناكحوهم و لا تصلوا عليهم و لا تصلوا معهم ".
و
عن ابن مسعود -رصي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم- :"
إذا ذكر أصحابي فأمسكوا ، و إذا ذكر النجوم فأمسكوا ، و إذا ذكر القدر
فأمسكوا " .
قال العلماء : معناه من فحص عن سر القدر في الخلق ، و هو :
أي الإمساك علامة الإيمان و التسليم لأمر الله ، و كذلك النجوم و من اعتقد
أنها فعالة أو لها تأثير من غير إرادة الله عز و جل فهو مشرك ، و كذلك من
ذم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه و سلم- بشيء و تتبع عثراتهم و ذكر عيبًا
و أضافه إليهم كان منافقًا .
بل الواجب على المسلم حب الله و حب
رسوله ، و حب ما جاء به ، و حب من يقوم بأمره ، و حب من يأخذ بهديه ، و
يعمل بسنته ، و حب آله و أصحابه و أزواجه و أولاده و غلمانه و خدامه ، و حب
من يحبهم و بغض من يبغضهم ، لأن أوثق عرى الإيمان الحب في الله و البغض في
الله .
قال أيوب السختياني -رضي الله عنه- :" من أحب أبا بكر فقد
أقام منار الدين و من أحب عمر فقد أوضح السبيل و من أحب عثمان فقد استنار
بنور الله و من أحب عليًا فقد استمسك بالعروة الوثقى ، و من قال الخير في
أصحاب رسول الله -صلى الله عليه و سلم- برئ من النفاق ".
و أما مناقب
الصحابة و فضائلهم فأكثر من أن تذكر ، و أجمعت علماء السنة العشرة المشهود
لهم ، و أفضل العشرة : أبو بكر ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم علي
بن أبي طالب -رضي الله عنهم أجمعين- ، و لا يشك في ذلك إلا مبتدع منافق
خبيث .
و قد نص النبي -صلى الله عليه و سلم- في حديث العرباض بن
سارية قال : " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، عضوا
عليه بالنواجذ ، و إياكم و محدثات الأمور " الحديث .
و الخلفاء
الراشدون هم : أبو بكر و عمر و عثمان و علي -رضي الله عنهم أجمعين- ، و
أنزل الله في فضائل أبي بكر -رضي الله عنه- آيات من القرآن ،
قال تعالى : " و لا يَأْتَلْ أُولُوا الفَضْلِ منْكُم و السَّعَة أن يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى و المساكِين". الآية
لا
خلاف في ذلك فيه ، فنعَته بالفضل -رضوان الله عليه- و قال تعالى :" ثاني
اثنين إذْ هُمَا في الْغَارِ" الآية ، لا خلاف أيضًا أن ذلك في أبي بكر
-رضي الله عنه- شهدت له الربوبية بالصحبة ، و بشّره بالسكينة ، و حلاه
بثاني اثنين كما قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- :" من يكون أفضل من ثاني
اثنين الله ثالثهما ؟"
و قال تعالى :" و الّذي جاءَ بالصِّدْقِ و صَدّقَ به أُولئِكَ هم المُتّقُونَ " .
قال
جعفر الصادق : لا خلاف أن الذي جاء بالصدق رسول الله -صلى الله عليه و
سلم- و الذي صدّق به أبو بكر -رضي الله عنه- و أي منقبة أبلغ من ذلك فيهم ؟
رضي الله عنهم أجمعين . أهـ