.].إن الحزن ليس حالة واحدة، بل حالات متعددة
الحزن المقدس
إن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كان من أكثر الناس حزنا، يقول القرآن الكريم
طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى
كان يحمل حزنا عظيما، ولكن هذا الحزن كان مقدسا؛ لأنه حزن على الناس وعلى
الأمة، فقد كان صلى الله عليه وآله وسلم عندما يؤذيه قومه، يقول
اللهم اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون
فإذن ، عندما يرى المؤمن أن حزنه نابع من تقصيره في العبودية حيث أنه من
الصباح إلى المساء لم يوفق لطاعة معتبرة، أو عزم على ترك معصية، وفي ساعة
الامتحان وقع في تلك المعصية أو لا هذه ولا تلك؛ أي لم يرتكب معصية، ولكنه
يعيش حالة الغفلة والبعد عن الله عز وجل؛ فإن هذا الحزن مقدس لأن ذكر الله
عز وجل بالنسبة للمؤمن الذي وصل إلى درجة عالية، هو بمثابة الهواء الذي
يستنشقه.. فإذن، هذا الحزن مقدس.. وعلى المؤمن أن يدعو ويقول
يا رب، زدني حزنا
فهذا الحزن بمثابة المنبه، يجعل المؤمن يتنبه إلى أن هناك شيئا ما، أورثه هذا الحزن
الحزن غير المقدس
وهو حزن شيطاني، إذ أن الإنسان يحزّن نفسه دون سبب هو وضعه جيد، في نعمة
ظاهرية وباطنية؛ ولكنه قلقل من المجهول، ويعيش في خوف من المستقبل.. حيث أن
الله -عز وجل- منذ أن خلق آدم عليه السلام إلى يومنا هذا، ما أعطى ضمانا
لأحد أن يعيش إلى آخر عمره على نحو ما هو يريد فالحياة فيها تقلبات فإذن،
إن الحزن الذي منشؤه الدنيا والحرص عليها، غير مقدس
الحزن الذي لا يعلم سببه
وهناك حزن لا يعلم هل هو مقدس أو غير مقدس: لا هو من معصية، ولا من غفلة،
ولا هو من ابتعاد، ولا من دنيا.. سببه مجهول، فما هو الحل؟.. على الإنسان
أن يستقرئ باطنه، ويرى الأسباب التي أورثته هذه الحزن ومن الأسباب التي لا
نقيم لها وزنا، إدخال الحزن على الآخرين.. إن رأيت حزنا في قلبك، ابحث عن
القلوب المحيطة بك، لعلك كنت سببا في شعور إنسان بالألم والأذى؛ فعجّل رب
العالمين لك العقوبة في الدنيا، أن جعل في قلبك هذا الحزن، ليخفف عنك
العذاب يوم القيامة[/size].